اليوم أيها القارئ الكريم صاحب المال مدادنا لك هي كلمات استبقناها في مقالنا الخميس الماضي لنظامنا المالي “الذي استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير” وأغلق منافذ الخير لهذا المال وحفظه ونمائه، وكذلك لأرباب البنوك بتزكية أموالهم وأموال مع أموالهم والاستفادة من رحابة هذا الدين وخياراته المتعددة ومساحته الغناء، وتجنب ما قال الشاعر:

جمع الحرام الى الحلال ليكثره جاء الحرام على الحلال فبعثره

زاد من حرصنا على سياقة هذه الكلمات ما تتحفنا به وسائلنا الاعلامية من أرقام لثروات تعددت الأصفار على يمينها خلفها ملوك وأمراء ورؤساء تفوق موازنتهم موازنة دول وقارات لم ينلهم منها إلا علامات استفهام وتهم وحقد من فقراء ومحتاجين على أرضهم ومفاجآت من قبل ذويهم وأهلهم. ناهيك عن فضيحتين تهددانهم؛ الأولى عند حساب الميراث وتعدد أصفار الحسابات يوم لا تتكافأ مع ما ورثوه من أعمال خيرية لهم تذكر، وأخرى عندما ينصب الميزان ولا أعمال يرجح بها الميزان فهي صفر من الأعمال والانفاق في الميزان.

إن موضوع المال وأرقامه موضوع مهم لكل انسان أوَليس له شطر مما نسأل عنه يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم ” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عمره فيما أفناه وشبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه”.

أوَليس به نكسب سعادة الدنيا والآخرة في الدنيا بانفاقه على الأهل والأرحام والفقير والمحتاج وفي الآخرة هو نور وظلال وثقل في الميزان ومجلبة لرضا الرحمن، أوليس الكريم حبيب الله مجاور لرسوله في الجنة والبخيل بعيد من الله يموت مفلساً ليقتتل ورثته بتخمة ماله؟

أوليس ما تعاني منه مجتمعاتنا من أمراض اجتماعية وحروب عائلية وأمراض جسدية بسبب هذا المال، (انه فتنة العصر في كسبه وانفاقه).

فلا عجب أيها القارئ أن حضرت فرحاً غاب عنه نصف أهله، أو عزاءً لم يشارك فيه بعض من ذويه وأقربائه أو زرت مريضاً تجلط الدم في عروقه بسبب هذا المال أو تلك التركة أو سمعت عن خصام فتت أواصر أسرة بسبب تلك الأرقام أو الشركة.

لقد فهم كثير من الناس (حتى من غير المسلمين) قيمة هذه الأرقام فسخرها له ولم يسخر مصيره لها، فهذا بيل غيتس ومن يتصدر قائمة أغنياء العالم يأخذ منها حاجته ويوقفها لخدمة الانسانية، فكيف لا يستجيب من وعده ربه بالخلف والبركة والمآل السعيد، يقول سبحانه “الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون” البقرة 274

حتى من لا يؤمن بهذه الآيات اكتشف هذه الحقيقة من الحياة، منها احدى الصحف الانجليزية التي طرحت سؤالاً: ما المال؟ فكان الجواب الذي نال الجائزة “المال جواز سفر عالمي يمكن لصاحبه السفر الى كل البلاد ما عدا السماء، وهو يجلب كل شيء ما عدا السعادة”.

أخيراً بارك الله لك في مالك وجعله زاداً لك تبلغ به مرضاة ربك.. كلمات سقتها لك أحسبها بلغة الأرقام كم لك مما تملك وهنيئاً لك ان كان ما تدخره لآخرتك على الأقل ثلث ما تستهلكه في دنياك وان كان غير ذلك فتدارك نفسك واستر عرضك عند حساب الميراث وعندئذ تستبشر عندما ينصب الميزان ونعم المال الصالح للرجل الصالح.

النشرة البريدية

اشترك فى النشرة البريدية لمعرفة كل جيد عن الدكتورة نورة