لا أقصد به حضوراً في حفل أو سوق أو منتدىً ولا أقصد به ذلك التواجد الجسدي المتحرك والمؤقت وانما أقصد به ذلك الحضور والتواجد في النصر المرتقب والتمكين القادم والخلافة الراشدة لدين الله وأمة محمد عليه أفضل الصلوات، على الرغم من حلكة الليل وغلبة البغي وبطش الجبابرة.
فلك أن تسجل لك حضوراً في تمكين أمتك في مجال لغتها وآدابها وفنها، وعلينا أن نسارع في إمساك حلقة من حلقات صعودها وأن نكون أحد أشعتها الساطعة والبادية من بعيد.
فلعلك أيها القارئ تابعت برنامج “زمام المبادرة” في الجزيرة وتلك الجنود الموفقة التي جندت نفسها لتعيد للغة القرآن سيادتها وقدرتها على استيعاب الحياة وكل حروفها بتعريب كتب العلم لأمته الناطقة به تلك الأمة ما بلغت سؤددها وبسطت سيطرتها واحتوت غيرها إلا عندما نطقت بلغة يكفيها شرفاً بها أنها لغة كتابها المنزل من ربها، وتعجب أن يشارك في هذه الحملة علماء من جامعة الأردن تطوعاً وشباب صغار من لبنان قد لا يدينون بديننا..
لك أن تسجل حضورا في إقامة صروح العدل الاجتماعي وإقامة قواعد الأدب بإحلال ما يزخر به ديننا من قيم وما يدعو له من فضائل إنسانية تدعو إلى التراحم والتواصل، بادئاً بنفسك في بيئة تتنفس الرفق وتتعامل بالحلم وتؤمن بالتناصح في بيتك وفي عملك وفي شارعك وحيك.
سجل لك حضوراً في نهضة أمتك وصناعة مستقبلها بإتقانك عملك وإبداعك فيه، سجل لك حضوراً في فجرها الذي اقترب من بزوغه نابذا الذل والامتهان، مهدداً الجبابرة والطغاة ممن تألهوا على العباد إلى درجة أنهم حالوا بينهم وبين عبادتهم لله الواحد القهار.
وأخيراً: إن كل ساعة تمر لا تسجل لك حضوراً تحقق لأعدائنا انتصاراً سواء أعداء الأمة عموماً أو أعداؤنا من النفس والشيطان خصوصاً..
الحياة فرصة ينبغي استثمارها وهي فرصة للتزود فيها وكل ساعة تمر ممكن أن تصنع فيها شيئاً (وحري به أن يكون مساهمة في نصرها المرتقب) فلا يقعدك ما تسمع وترى من أحداث تكالبت على أمتها واسأل الله أن تكون أحد أشعة فجرها..
وأخيراً ليس له حضور من تسبب في أعجمية لسان أبنائه، وليس له حضور من سعى لتعليم أمته بغير أن يبني أساسها من كتاب ربها، وليس له حضور من خذل الأمة وصرفها عن قضاياها بالفن الهابط واللهو المنحل، وليس له حضور من ملك الأموال ولم يدفعها لنصرة مظلوم وإغاثة ملهوف، وغاب عن الحضور من ادعى العلم وهو يدعو الأمة لتأليه الحكام والقبول بالخنوع والذل.. وحرم من الخير من “يتمتع بالنعم” ولم يكن فيها النصيب الأوفر من نصرته لدينه وخدمته لأمته..

النشرة البريدية

اشترك فى النشرة البريدية لمعرفة كل جيد عن الدكتورة نورة