بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

قُصَاصَةٌ وقِصَّةٌ

تأليف / الدكتورة نور ة بنت علي آل حنزاب
الإهداء:

هو دعاءٌ وابتهالٌ للسَّميعِ القريبِ المُجيب،

عسى أن يُرفَع فوقَ الغَمَام،

وتُفتح له أبوابُ السَّماء،

 ونلمسه مستجاباً محفوفاً ببركات السَّماء، للذين سبقونا إلى مستقرّ رحمته،

وكنَّا في ذكرياتهم ومسيرتهم إحدى قُصَاصتهم،

وإلى كلّ منْ ضمَّ هذا الكتابُ قُصَاصَةً لهم، وكانوا جزءاً من حياتنا،

إليهم جميعاً أهدي هذا الكتاب ((قُصَاصَة وقِصَّة)).

المقدِّمة:

الكتابة نَفَسٌ نحيا به، ونعيشُ في رحابِ حروفِه المفعمة بالإيمان بالله سبحانه، والمتصلة بمعينِ آياتِ كتاب الله الكريم، وتوجيهات سنّة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، والمتفاعلة بإيجابية مع واقع الحياة وآفاقها وتطلّعاتها، نجدُ أنفسنا حين تدوين وجمع وانتقاء مفرداتها ونعيشُ في رحابها، نتنفَّسُ عبيرَ حُسْنِها، وينعِشُنا لُطفُ معانيها، نَهيمُ في صياغة مدلولات جُمَلِها، ونجدُ الطمأنينة والسَّعادة عندما تتراصُّ كلماتُها على سطور أوراقنا، نحتسبُ عند اللهِ أجرَها، ويحفّنا خوفُ الله سبحانه ومعيّته عندَ خطّ حروفها ومعانيها، ونملك من الجرأة واليقين بالله في بثّها ونشرها بين الناس، ونؤمنُ بتأثيرها عندما يكون الإخلاصُ وَقودَها، والعملُ الصَّالح مَبعثَها، وحبُّ الخيرِ للنَّاس منطلقَها.

ومن منطلقِ هذا البيان، كانت حروفُ وكلماتُ هذا الكتاب كجُمَلٍ منحوتةٍ من أعماق قاموسنا العربي؛ كان السبيل في اختيارها كعملِ صائغ مُبدعٍ يشكّل بالجواهر عِقْدَها، وليس كعاملِ طريقٍ يهدِمُها بالمِعْوَل ويكوّمُها بالمِجراف، لذلك من وُفِّقَ للإخلاص في تدوينها، كان صوغها كجواهر تتلألأ لتضيء الطريق وتنير الدَّرب وتبعث بالأمل في الحياة، وكلّما كان البعدُ عن هذا المبدأ في الكتابة والتدوين، كان الانصرافُ عنه جهلاً ينحسر به الفكر ويضيق به الأفق،  ويبعثُ  على الحرمان من النِّعم الكثيرة في واقعنا؛ من إرثٍ وكنزٍ عظيم وعملٍ صالح وتجربة ناجحة في الحياة، ففي الكتابة بهذا المبدأ والمنطلق حياةٌ طيّبةٌ ومتنفّسٌ فسيحٌ؛ ففيها تجدُ حياةَ الأبرار وسيرةَ ومسيرةَ الأحرار وعيشَ الحريَّة والعدالة، وإرثَ الأنبياء والصَّالحين وقربة وصلة المحبّين المخلصين.

وبعدُ،

فهذا الكتابُ الذي بين أيديكم، ليس مجموعةً من قُصاصاتٍ ورقيةٍ احتوت كلماتٍ، ولكنَّها الحياةُ مرسومة على دفتر الأوراق، نبضها الإيمان وزهرها الحبّ؛ فهنا مشاعرُ جيَّاشة بثّت، وعلاقاتٌ وطيدة أسّست، ومعاملات وثيقة أبرمت، وهنا صفقات هادفة عُقدت، وهناك مجتمعٌ قام محبّة وسعى لرضاه، وبين هنا وهناك سننُ الله في الأمم والجماعات ماضية لا تحابي أحداً؛ إنَّها صحائفُ وأسطرٌ من القلب تنشر، وفي كلِّ حروفها زادٌ من الله ومعيّة منه  نسأل.

إنَّها قصةُ قصاصات لنا أو للآخرين، حَوَتَ تاريخاً مشفوعاً بالبيان والأثر، ومشاعرَ أو أقوالاً أو أفعالاً كان لها الأثر، ودوَنَّاها في هذا الكتاب، علّنا بها نجمع ما يعزّز القيم الإيجابية في المجتمع، ونلفت النظر بالفكر إلى الاهتمام بها والاستفادة منها، عسى أن يكون في ذلك خيرٌ لنا في الدنيا نؤتي ثمارَه يانعة فيها وفي العاقبة!

ويشجّعنا على ذلك أنَّنا أمَّة موعودة بأعظم قصاصة أو بطاقة مباركة جليلة، تحمل كلمة التوحيد الخالدة ” لا إله إلاّ الله”؛ فهي حجّتنا ومرجعيّتنا، ومَنْ جعلت سقفَ حُريَّتِنا عالياً تحت لوائها، واتسعت بها مساحة تحرّرنا من كلِّ عبودية، وجعلتها خالصة لربّنا سبحانه، لا حدودَ ولا أسوارَ تحدّنا في هذه الحياة، ولا ما يعيق عطاءنا ويُحجِّم كرامتنا، وهناك عند لقاء ربِّنا تعالى، يومَ تكون هذه البطاقة هي حجّتنا، ومن يدافع عنَّا يومَ لقاءِ ربِّنا، وبإذن الله، سترجّح بها موازينُنا وتثقل بها أعمالنا، ويُختم لنا بالحسنى، وهذا أسمى أمانينا، وهو ما يُشجِّعنا لإصدار كتابنا الموسوم بـ ((قُصَاصَةٌ وقِصَّة)).

وهذا الكتابُ وما يحويه من قُصاصات، شاء الله أن تُجمع لا لفكرة سابقة بجمعها، ولكن لوَقْعٍ لها في النَّفس وعمق تأثير لها في الحياة، حرَّك مشاعرَ في القلب والرّوح وجوارحاً ضمّها الجسد، ليتم صياغتها في أسطرٍ، نسأل الله تعالى أن يجعل نبض حروفها معيناً مفيداً وسبيلاً هادياً لكلّ قارئ، يفتح له آفاقاً واسعاً من العبر تقود للعمل المثمر في هذه الحياة، وتنفض عنه غبار السلبية والكسل، وتحرّك فيه مشاعر وأحاسيس الحبّ والأمل، في التواصل والتأثير مع بني الإنسان، ليكون نافعاً ومؤثراً وإيجابياً، وحتىّ للحيوانات والجمادات والشجر، ينبعثُ عَبَقُ معانيها الآسر لتنتشر الرَّحمة والرِّفق والمحبَّة للكون كلّه مسبّحاً بآلائه حامداً شاكراً لنعمه وخيراته.

إنَّها قصاصاتٌ وقصصٌ، صِيغت من الواقع ومتّصلة به، أسأل الله تعالى أن تكون محفّزة للآخرين في تحسّس مشاعر منْ حولهم، أو دافعاً لإخراج جميل ما في نفوسهم، أو إضفاءً لعملٍ إيجابيٍّ في حياتهم، عسى أن ينتفعَ به غيرُهم، ولله الحمدُ ربّ العالمين.

  نوره بنت علي آل حنزاب

الدَّوحة في 26 / 05 / 2012م

لتحميل الإهداء و المقدِّمة

النشرة البريدية

اشترك فى النشرة البريدية لمعرفة كل جيد عن الدكتورة نورة